ملخص البحث:
اللغة العربية إحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم، إذ يتكلمها يوميّاً ما يربو على 400 مليون نسمة من سكان هذه المعمورة. وهي تحتل اليوم المرتبة المرموقة بين اللغات العالمية ويزداد عدد مستخدميها كل يوم بوتيرة سريعة.وتعليم هذه اللغة للناطقين بغيرهاأصبح هذه الأيام عملا سهلا بالمقارنة مع القرون السابقة، ذلك بفضل التكنولوجيا التي تتطور كل يوم بصورة متسارعة.يهدف هذا المقال البحثي إلى البيان عن أهمية استخدام التكنولوجيا في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، كما يهدف إلى عرض أهم الوسائل التكنولوجية المتواجدة بوصفها ناجحة وفعالة في تطوير المهارات الأربع: المحادثة، والاستماع، والقراءة، والكتابة.
الكلمات المفتاحية:التكنولوجيا، اللغة العربية، اللغة العبرية للناطقين بغيرها، العولمة، تكنولوجيا التعليم
مفهوم التكنولوجيا:
التكنولوجيا هي كلمة يونانية الأصل، وتتكون من المقطعين: "Tekhne" تعني"الفن والصناعة" و“Logy” تعني "دراسة أو علم ". وباجتماع اللفظين يتكون المعنى اللفظيواللغويللتكنولوجيا"علم الفنون"،و"علم الصناعة"و"دراسة الفنون"و"دراسة الصناعة".ومع كثرة استعمال كلمة "التكنولوجيا" في كلام العرب اكتسبت الكلمة مع مرور الزمان لفظاً عربياً أو سمة عربية.
أما اصطلاحاًفهي طريقة فنية وتطبيقية لحقيق غرض عِلميأو هي الوسائل والأدوات المخترعة المستخدمة لرفاهية ومعيشة الناس. والتكنولوجيا الحديثة في التعليم يقصد بها كل ما هو جديد في مجال واستخدام وتوظيف تطبيقات الثورة المعلوماتية والتكنولوجيا المعاصرة في العملية التعليمية، من تجهيزات حديثة وأساليب تعليمية مبتكرة، بهدف دعم العملية التعليمية وحل مشاكلها؛ وتحقيق أهدافها التعليمية والتربوية والتدريبية؛ لرفع كفاءتها وزيادة فاعليتها.
العولمة والتكنولوجيا:
نحن الآن نعيش في عصر العولمة، والعولمة هيحرِّيَّة انتقال المعلومات وتدفُّق رءوس الأموال والسِّلع والتِّكنولوجيا والأفكار والمنتجات الإعلاميّة والثَّقافيّة والبشر أنفسهم بين جميع المجتمعات الإنسانيّة حيث تجري الحياة في العالم كمكان واحد أو قرية واحدة صغيرة ترفع الشركات العملاقة شعار العولمة لتستطيع التَّوغُّل داخل جميع الدُّول بلا قيد.
ويرى الكاتب العربي الشهير الدكتور عبد الله أحمد جاد الكريم أن العولمة هي عملية يتم بمقتضاها إلغاء الحواجز بين الدول والشعوب، فتنتقل فيها المجتمعات من حالة الفُرقة والتجزئة إلى حالة الاقتراب والتوحد، ومن الصراع إلى التوافق، ومن التباين والتمايز إلى التجانس والتماثل.
وعصر العولمة التي جعلتْ العالم قرية صغيرة يشهد تطورات متسارعة في مجال العلم والتكنولوجيا، وكل يوم يكتشف العلماء شيئا يُسير أعمالنا اليومية من التعليم والتعلم والتواصل والمواصلات وما إلا ذلك. ومنذ أن بدأت العولمة بالظهور، تقدمتْ التكنولوجيا كثيرا إلى الأمام حتى نجد أمامنا عددا كثيرا من أدوات تكنولوجية متنوعة تُسَيِّر عملية تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها.فبفضل التكنولوجيا هناكفرص ذهبية يمكن استغلالها لتيسير عملية تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها.
أهمية استخدام التكنولوجيا في تعليم اللغة العربية:
أهمية استخدام التقنيات في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها
استخدام التكنولوجيا في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها فرضته الحاجة الماسة لنشر وتعليم اللغة العربية خاصة في أوساط الناطقين بغيرها؛ وذلك لمساعدتهم على تعلم القرآن الكريم وحسن تلاوته، وتفهم أمور دينهم الحنيف، وسهولة تواصلهم وتخاطبهم مع الآخرين، كما أن توظيف التقنيات في العملية التعليمية ضرورة حتمية لمواكبة التغيرات والتطورات الحاصلة فيالمجالات كافة.
وأهمية استخدام هذه التقنيات تبرز في كونها مخاطبة لحواس الإنسان، التي هي منافذ التعلم الطبيعية، فالمعرفة دائما ما تبدأ بالحواس؛ لذا نجد أن رعاة التعليم يدعون إلى استخدام هذه التقنيات في التعليم؛ لأنها ترهق الحواس، وتوقظها، وتعينها في تأدية وظيفتها في كونها بابا للمعرفة؛ وعلاوة على ذلك فإن أهمية استخدام هذه التقنيات في عملية التعليم والتعلم تتمثل في تأثيرهاالفعال على العناصر الرئيسة في العملية التعليمية.
أهم الوسائل التكنولوجية وتعليم اللغة العربية:
1. الحاسوب:
إن اللغة العربية إحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم، إذ يتكلمها يومياً ما يربو على 400 مليون نسمة من سكان هذه المعمورة. وهي تحتل اليوم المرتبة المرموقة بين اللغات العالمية ويزداد عدد مستخدميها كل يوم بوتيرة سريعة.والتكنولوجيا لها دور بارز يمكن لعبه لتسهيل تعليم اللغة العربية بشكل فعّال وسريع في نفس الوقت. وإنما الحاسوب-الذي يعد أهم الأجهزة التقنية- هو هذه الأيام في متناول يد معظم الطلاب، إذ أنه يتواجد في كلجامعة وكليةحتى في مدارسابتدائية كانتْ أو ثانوية.فيتعين على مُعلّمي اللغة العربية للناطقين بغيرها استغلال هذه الفرصة الذهبية والتركيز على استخدامالأجهزة التقنية مثل الحاسوب أو الهاتف الذكي داخل الفصل وخارجه لكي يتعلم الطلاب اللغةَ العربيةَ بشكل سريع وسهل.
إن عمليّة تَعلُّم أي لغة تتضمن أربعة عناصر؛ الاستماع، المحادثة، القراءة والكتابة، فالطالب الذي يتقن هذه المهارات الأربع يصبح ماهراً في تلك اللغة.والتكنولوجيا جعلتْ إتقان هذه المهارات الأربع سهْلاً ومشوقا للغاية:
المحادثة:
الحاسوب يساعد الطلاب على تحسين مهارة المحادثة، ذلك عن طريق استخدام التطبيقات المتواجدة على شبكة إنترنتْ. ثمة برامج تسمح للمتعلمين بالاستماع إلى الحوارات والنقاشات التي تجري بين العديد من الأشخاص حول موضوعات متنوعة، حيث يتعلم المتعلمين مختلفالأساليبللمحادثة مع الآخرين في مواقف متنوعةمثل كيفية طرح الأسئلة على المخاطَب وكيفية الرد على الأسئلة التي يطرحها المخاطِب.وكذلك تسمح بعض البرامج المتعلمين بالمشاركة في الحوار المباشر أو النقاش المباشر، حيث يجد المتعلمون فرصةَ المحادثة مع العرب.وهناك أيضا العديد من مواقع إلكترونية على شبكة الإنترنت التي تتيح المتعلمين فرصة للتدرب على المحادثة بالتواصل مع طلبة بالصوت والصور من البلدان المختلفة ومناقشة مختلف الموضوعات وتبادل الآراء معهم.
القراءة:
يساعد الحاسوب وتطبيقاته وبرامجه على تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها بشكل عام وتطوير مهارة القراءة بشكل خاص ، حيث يمكن للمعلّم أن يعرض نصاً على الشاشة مقروءًا قراءة صحيحة، واضحة مخارج حروفه بصوت مسجَّل، ثم يحاكي المتعلم القراءة المسجلة مع النص المعروض أمامه، ويحثّ المعلم المتعلم على تكرار ذلك النص حتى أن يتقنه، وبعد ذلك يقرأ المتعلم ذلك دون الصوت المصاحب، وعلى هذا النحو تتطور قدرة المتعلم على قراءة النصوص المتنوعة.
وهناك أيضا بعضالصحف الإلكترونية التي تتيح خيار الاستماع للأخبار على موقعها فبإمكان المتعلم القاري الاستماع لتلك الأخبار ثم يحاول محاكاته مرات وكرات. وهذه الممارسة تساعد المتعلمين على تطوير قدراتهم القرائية بما فيها تصحيح نطقها ومعرفة المخارج.
الاستماع:
مهارة الاستماع من أهم المهارات اللازمة لإتقان أي لغة. وتتسم عملية الاستماع بوعي المرء وانتباهه لأصوات أو أنمات كلامية،وتستمر من خلال تحديد إشارات سمعية معينة والتعرف عليها وتنتهي بالاستيعاب لما تم الاستماع له. ويمكن تطوير مهارة الاستماع عن طريق استخدام الحاسوب، إذ أن ثمة برامج تتيح للمتعلمين الاستماع إلى مفردات وإعادة الاستماع إليها مرات عديدة حتى يتمكن المتعلم من إتقان نطقها، وبعد ذلك تزوده بالتغذية الراجعة، من حيث تصحيحها، معرفة الأخطاء التي وقعتْ فيها.
وهناك طرق عديدة يمكن للحاسوب من خلالها تطوير مهارة الاستماع:
• التعرف على الأصوات Voice Identification
إن التمييز بين أصوات ومخارج الحروف مطلب أساسي لممارسة اللفظ الصحيح والاستيعاب الإصغائي الفعال. وهناك برامج تتيح للطالب الاستماع إلى مفردات ثم يطلب إليه تحديد الكلمة التي يعتقد أنه سمعها من خلال أسئلة اختيار من متعدد، كما تتيح له فرصة إعادة الاستماع لمرات عديدة، وتزويده بالتغذية الراجعة من حيث علامته والأخطاء التي ارتكبها.
• اللفظ والتنغيم Pronunciation & Intonation
هناك برامج حاسوبية خاصة بمختبرات اللغات تساعد على التعرف على الأصوات ثم ممارسة اللفظ والتنغيم وذلك عن طريق تمارين خاصة بالإصغاء والتكرار باستخدام تقنية الكلام الرقمي، حيث لهذه البرامج القدرة على تحليل الأنماط الصوتية المختلفة والتمييز بينها. حيث يتم الاستماع للفظ من خلال الميكرفون ويتم تحويل الصوت إلى شكل رقمي وتخزينه على قرص .
أما في عملية التدريب على التنغيم فيسمح للمتعلم أن يقول عبارة من خلال الميكرفون ويقوم الحاسوب برسم مخطط بياني لها ومقارنتها مع مخطط بياني مخزن لهذه العبارة ويشاهد المتعلم الفرق بين المخططين.
الكتابة:
تستخدم برامج معالجة النصوص في الكتابة، حيث تمنح المتعلم الحرية في معالجة النص كالتصحيح الفوري والتدقيق الإملائي، والترجمة، واستخدام مختلف أنواع الخطوط، وحفظ الصفحات، وإمكانية تعديل الكلمات وتبديلها وتنسيقها. وكذلك التحكم بالفقرات والمسافة بين السطور وعدد السطور في الورقة. كما أن عملية التخزين تتيح للمتعلم إعادة تفحص النص الذي كتبه وإجراء التعديلات عليه والاحتفاظ بالنسخ القديمة منه وذلك لتفحص التعديلات العديدة التي تمت عليه.
ويُعد هذا الأسلوب مشوقاً للطالب، ويحسن من أدائه في التعبير والإنشاء والفن الجمالي، ويجعله أكثر إتقانا للغة والإملاء وأكثر دقة في القضايا النحوية.
وهناك العديد من البرامج الحاسوبية التي تساعد الطلبة في الصفوف الأساسية الأولى على كتابة الأحرف بأشكالها المختلفة، حيث تقوم برسم الحرف على الشاشة ثم يقوم المتعلم بتقليد ذلك على الورقة أو يقوم بكتابتها على الشاشة باستخدام أقلام ضوئية Light Pens، أو كتابتها على لوحة رسم خاصة مربوطة بالحاسوبGraphic Pads وتظهر الكتابة على الشاشة. وتعود أهمية هذه البرامج إلى أن المتعلم يستطيع تكرار المحاولة مراراً وتكراراً دون أن يتعدى على وقت الآخرين، ودون خوف أو خجل من البطء أو الخطأ.
وهناك برامج تتيح ظهور كلمة على الشاشة وتختفي ، ثم يطلب من المتعلم إعادة كتابتها. أو قد تختفي بعض أحرفها وعلى المتعلم كتابة تلك الحروف أو اختيارها من ضمن قائمة موجودة على الشاشة بطريقة السحب والإفلات.
المفردات:
ثمة الكثير من تطبيقات الهواتف الذكية والبرامج الحاسوبية التي يمكن أن يستغلها المعلّم لإثراءخزانة المفردات للمتعلم، حيث تساعد هذه البرامج أو التطبيقات في تعلم المفردات عن طريق ربطها بالصور والصوت وعرضها بشكل ألعاب تعليمية. وهناك بعض البرامج حيث تظهر كلمة على الشاشة وتختفي، ثم يُطلب من المتعلم إعادة كتابتها. أو قدْ تختفي بعض أحرفها وعلى المتعلم كتابة تلك الحروف أو اختيارها من ضمن قائمة موجودة على الشاشة بطريقة السحب والإفلات.
وكذلك يمكن للمتعلم- من خلال الحاسوب أو الهاتف الذكي – قراءة الصحف اليومية التي يتم نشرها في دول العرب،وبالتالي يتعرف المتعلمون على المصطلحات المستحدثة والتعبيرات الجديدة التي يستخدمها العرب.
كما تتواجد الكثير من النسخ الإلكترونية لمعظم قواميس ومعاجم اللغة العربية. ويمكن للمتعلم تحميل هذه القوامس في هاتفه الذكي لِكي يستطيع مراجعته عندما مستْ الحاجة. وهكذا يحمل المتعلم قوامس عدة في جيبه ولا يضطر إلى حمل نسخة ورقية ضخمة لتلك القوامس. ومن بعض هذه القوامس تتوافر فيها ميزة "البطاقة الإلكترونية" مما يسهّل المتعلم حفظ مفردات جديدة بطريقة سهلة وشيقة.
2. السبورة الذكية:
السبورة الذكية من أهم وأحدث وسائل التعليم وأكثرها فعالةً، وهي سبورة -على عكس السبورة التقليدية- تكون موصلة بالحاسوب، وعبارة عن سطح مكتب للحاسب. وتغني عن البروجكتر وتظهر بكل الألوان الطبيعية وتستخدم بشكل تفاعلي بين المعلّم والمتعلمين، وتعمل باللَمس، ويمكن للمعلم الكتابة عليها بقلم خاص بمجرد تمرير عده عليها، كما يمكنه أن يمحو كل ما كتبه عليها إن أراد ممحاة إلكترونية أنيقة. وهي تحمل سمّاعات وميكروفون لنقل الصوت والصورة، وعندما قام المعلِّم بكتابة جملة أو رسم شكل من الأشكال التوضيحية أو عرض صورة من الحاسوب أو الإنترنت، فيمكن على المتعلم حفظها في ذكرتها، كما يستطيع المتعلم البعث بما لديه من ملاحظات في الدروسللعض على السبورة.
سمات السبورة الذكية: تتسم السبورة الذكية عدة سمات تمكّنها من الإسهام في تسهيل عملية التعليم بشكل عام، وتعليم اللغة العبية للناطقين بغيرها بشكل خاص. ومن أهم سماتها:
• هي تحول عملية التعليم كلها من العملية الشاقة إلى العملية الشيقة والمثيرة للاهتمام للمتعلمين، كما تحوّل المادة الجفة إلى مادة تنبض بالحياة، مما يكون له الأثر الكبير في فعالية التعليم.
• وهي تسهم في تشريح الدروس عن طريق الاستعانة بالوسائط المتعددة كالفيديو والتي تسهل توضيح الأفكار.
• عرض الفيديوهات من الحوارات والنقاشات عليها كي يتعلم المتعلم منهاكيفية المحادثة مع الآخرين.
3. جهاز التسجيل الصوتي:
جهاز التسجيل الصوتي من أهم الأدوات التكنولوجية يمكن أن يستغله المعلِّم خلال عملية تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها. وهو عبارة عن آلة إلكترونية تتركب من مكبر الصوت والمضخم الصوت والمايكروفون. واستخدام هذا الجهاز يساعد في تحقيق الأهداف الآتية:
• معرفة أحكام التجويد وإتقانه.
• التفريق بين الأصوات وحل رموزها.
• معالجة نطق الحروف، وكذلك الكلمات التي يواجه المتعلم صعوبة في نطقها.
الخاتمة:
على أساس ما تقدم ذكره يمكنني أن أقول إن استخدام الوسائل التكنولوجية في تعليم اللغة العربية أمر مهم جداً، ذلك لأنّ الخصائص والمميزات التي تتسم بها التكنولوجيا تجعل عملية التدريس فعالة ومشوقا للغاية. كما هيتسهم في تحقيق الأهداف المرجوة: تسير عملية التعليم والتعلم معا، إثراء التعليم ورفع كفاءته، وزيادة تحصيل المتعلمين وتشويقهم وشد انتباههم وتنمية قدراتهم علىالمحادثة، والاستماع، والقراءة، والكتابة.