Thursday , 21 November 2024 KTM College
Culture

دور العلماء الهندوسيين في اللغة العربية وآدابها في البنغال

29-September-2024
روح الأمين شيخ
الباحث في الدكتوراه في قسم الدراسات العربية، جامعة اللغة الإنجليزية واللغات الأجنبية، حيدرآباد، الهند

 إن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم والرسول والدين، ولا تتم الصلاة إلا بها، ولذلك لها مكانة هامة لدى كافة المسلمين من العرب وغير العرب. ومهما يكن من الأمر فإنها لا تقتصر على المسلمين فقط بل يدرسها ويتعلمها غير المسلمين أيضا في أنحاء العالم، وقد تمكنت اللغة العربية من الحصول على مكانها المروموق في منظمة الأمم المتحدة إذ أنها قد تضمنتها بين لغاتها الرسمية. وتشهد الوثائق التاريخية أن التجار العرب كانوا يأتون إلى البنغال للتجارة، ثم يأتي إليها بعض الدعاة والصوفية الذين قد اهتموا بنشر الإسلام فيها، ثم تأسست الدولة المسلمة في البنغال على يد اختيار الدين محمد بختيار الخلجي في أوائل القرن الثالث عشر وبنى عاصمتها في لخنوتي. وحكم الحكام المسلمون فيها إلى أن قبض عليها الإنجليز أو يمكن القول بعبارة أخرى إن المسلمين قد حكموا عليها لمدة طويلة وهي خمسة قرون ونصف. ومن خلال هذه المدة الطويلة قد جعلت اللغة العربية مكانة بارزة في البنغال وأثرت اللغة البنغالية تأثيرًا كثيرًا إذ أنها قد أخذت كثيرًا من الكلمات العربية وتضمنتها باللغة البنغالية ومازالت ولا تزال تستعمل هذه الكلمات العربية من حيث الكتابة والنطق، وانتشر الإسلام فيها انتشارًا واسعًا عبر العصور حيث صار الإسلام أكبر دين في بنغلاديش وثانيا في ولاية بنغال الغربية.
ومهما يكن من الأمر فإن اللغة العربية لها عروق عميقة في البنغال (يراد بها البنغال غير المقسمة أي بنغلاديش وولاية بنغال الغربية)، وقد أعجب باللغة العربية العلماء الهندوسيين الذين قد تعلموها وأتقنوها حتى لعبوا دورًا بارزًا في تطور اللغة العربية وآدابها بإسهاماتهم القيمة ومن أشهرهم:

غيريش تشاندرا سين (1835-1910م)
ولد في "بانشدونا" (Panchdona)، مديرية داكا. وتبرع في اللغة العربية والفارسية والأردية والبنغالية والسنسكريتية. ويقال إنه توجه إلى "لاكنو"، ولاية أوتربراديش لدراسة اللغة العربية والتضلع فيها.
إسهاماته القيمة في اللغة العربية:
1. إنه الشخص الأول الذي ترجم القرآن الكريم إلى اللغة البنغالية.
2. ترجم بعض أقوال النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى اللغة البنغالية.
3. ترجم "تذكرة الأنبياء" من اللغة العربية إلى البنغالية.
4. ترجم "مشكاة المصابيح" من اللغة العربية إلى اللغة البنغالية.
5. ترجم الأمثال العربية باللغة البنغالية بعنوان"Paravachnavali"

هاريناث دي (1877-1911م):
ولد في سنة 1877م في "أرياداه" في مديرية 24 فرغنة . ويقال إنه قد تبرع في أكثر من 30 لغة ، بما فيها من السنسكريتية، والبنغالية، والهندية، والأردية، والغجراتية، والأورية وغيرها من اللغات الهندية وبينا اللغة الإسبانية، والإيطالية، واللاتينية، والفرنسية وغيرها من اللغات الأجنبية. على أنه قد عين في جامعة متسوفانتي بولوغنا يدرّس عددًا من اللغات ومنها الإغريقية والعربية وغيرها .
إنه قد أتقن اللغة العربية حتى تمكن من إخراج بعض آثاره المهمة المتعلقة باللغة العربية ومن أشهرها:
أولًا: إنه اهتم بترجمة كتاب" رحلة ابن بطوطة" حتى ترجمه.
ثانيًا: إنه قام بترجمة الكتاب المشهور الذي ألفه جلال الدين أبو جعفر محمد باللغة العربية ويسمى هذا الكتاب "كتاب الفخري".
ثالثًا: وفضلًا على ترجمة النثر العربي، قد بذل جهودا منشودة في ترجمة النظم أيضا، حتى ترجم قصيدة مشهورة تعرف ب"بانت سعاد" و"قصيدة البردة" نظمها الشاعر المخضرم كعب بن زهير لمدح رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
رابعًا: ورجم مزيدا من الأشعار العربية باللغة الإنجليزية ونشرها .
خامسًا: وبالإضافة إلى ترجمة النظم والنثر العربي قد اهتم بتأليف كتاب القواعد العربية أيضًا .
ويتبين لنا من البيان المذكور، كان هاريناث دي شخصية بارزة من الشخصيات الهندوسية، تمكن من إتقان اللغة العربية بالرغم من كونه هندوسيا، وقد أثبت مهارته وبراعته في اللغة العربية من خلال إنتاجاته الرائعة. ولا تنكر إسهاماته القيمة في تطوير اللغة العربية ونشرها في البنغال، لأنه قد بذل لها قصوى جهده، وحاول لها محاولة محمودة.

راجا رام موهن رائ
هو عالم آخر من العلماء الهندوسيين الذين قد أتقنوا اللغة العربية وأجادوها، ولد عام 1772م في رادهاناغار في مديرية هغلي. إنه أخذ دراسته الابتدائية في قريته وتعلم اللغة العربية عن المولوي، وبعد دراسته الابتدائية قد توجه إلى عاصمة بيهار "بتنا" ودرس فيها اللغة العربية، والفارسية بالإضافة إلى دراسة القرآن الكريم، حتى أعجب بعلوم القرآن وصار متأثرًا شديدًا به، وله كتاب مشهور اشتهر به كثيرًا واسمه "تحفة الموحدين"، وفي الحقيقة ألّفه باللغة الفارسية ولكن كتب مقدمته باللغة العربية .

ماخونلال رائ تشودهوري (1900-1962م)
هو عالم آخر من العلماء الهندوسيين الذين قد لعبوا دورًا هامًّا في مجال اللغة العربية وآدابها. ولد في سنة 1900م في نواخالي في بنغلاديش. كان طالبا ذكيّا، وأخذ الدراسات الابتدائية، ودخل في كلية جاغاناث، ثم التحق بكلية كوملّا الرسمية، ثم توجه إلى كلكتا حيث التحق بكلية بريسيدنسي، وكان له إلمام شديد بالرياضة، ولكنه صار مؤرخًا فيما بعد بالرغم من رغبته على الرياضة. وأكمل الماجستير في التاريخ عام 1924م، ثم اهتم بعملية التدريس وعين بعدة كليات، ويقال إنه قد تبرع في اللغات السنسكريتية، والفارسية، والعربية وقد انضم بجامعة كلكتا .
إنه قد ترجم "سريمادبهاغابات غيتا" باللغة العربية

رادهاناند دتا
كان رادهاناند دتّا عالما آخر من العلماء الهندوسيين الذين قد تمكنوا من تعلم اللغة العربية بالرغم من أنهم كانوا غير المسلمين وقد أثبتوا مهارتهم في اللغة العربية. ويقال إن هذا العالم الهندوسي قد ترجم كتابا عربيًّا مشهورًا إلى اللغة الإنجليزية واسمه "رحلة النظار في تاريخ غرائب الأمصار" .

تشارو تشاندا بهانداري (Charu Chanda Bhandari)
هو عالم هندوسي آخر، ولد في ولاية بنغال الغربية، وقد تبرع في اللغات الإنجليزية والعربية، وقد اهتم بترجمة القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية ويسميه " Essence of the Holy Quran" .

الخاتمة: وفي النهاية، نستطيع أن نقول إن اللغة العربية هي لغة جميلة وقد تمكنت من خلال جمالها وفصاحتها وبلاغتها من جذب انتباه غير المسلمين نحوها، وهذه اللغة ليست مقتصرة على لغة القرآن الكريم والحديث النبوي ولدى المسلمين فقط، بل اتسعت مساحتها في أنحاء العالم، فصارت لغة عالمية بكل معنى بالنظر إلى جمالها وأدبها وقبولها لدى الناس جميعا.



المصادر والمراجع

1. Adak, Mousumi and Ghosh, Chaiti, Granthakarik Harinath De, Tar Rachanasombhar ebong Omullo songroho, Harinath De in Memory and Oblivion, Brainware University, 1st Published, 2024.
2. Alam, Muzaffar, Contribution of Hindu Scholars to Arabic Language and Literature in India, The Englishg and Foreign Languages University, Hyderabad, India, First Edition 2010.
3. Bandyopadhyay, Sunil, Harinath De, National Book Trust, India, New Delhi, Third Publication, 1990.
4. Bandyopadhyay, Sunil, Bhasapothik Harinath De, Kolkata, 1st published, 1367 (Bengali Year).
5. Tagore, Saumyendranath, Raja Rammohun Roy, Sahitya Academy, New Delhi, First Published, 1966.