ولد السيد فضل بوكويا في منفرام من مالابار في ولاية كيرلا في عام 1823، وكان أبوه السيد علوي المنفرمي عالما مشهورا إسلاميا وزعيما روحيا المعروف "بمنبرام تنغاض". وتلقى العلوم الابتدائية من علماء مليبار، وتعلم القرآن والحديث والفلسفة والتاريخ في فترة قصيرة من الزمن. وقد تعمق في العلوم الدينية التقليدية. ومات والده، وكان في عمره العشرين. وبعد فترة وجيزة ذهب السيد فضل إلى مكة المكرمة لأداء الحج، ومكث هناك فترة من الزمن، واستطاع له أن يتعلم من علمائها وأدباءها.
والقوات الاستعمارية كانت تنفذ سلطتها آنذاك إلى بلاد المسلمين في كل مكان في العالم. وفي أثناء إقامته في مكة المكرمة استطاع له ان يعرف السيد جمال الدين الأفغاني ، وكان قائدا سياسيا وعالما متبحرا ومقاوما مخلصا ضد الاستعمار والمستعمرين. ثم رجع السيد فضل بوكويا إلى ديار مليبارفي عام 1848م، ولما وصل إليها قد تغير فيها الوضع السياسي، والإنجليزيون قد استحلوا كثيرا ما في الهند، ولكن اختار السيد فضل مجال العلم والمعرفة والتدريس في أهم نشاطاتها، وذلك الحاجة ماسة في ديار مليبار. ثم أتم بناء المسجد في منفرام لنقل العلوم الدينية لعامة الناس. وكان يخطب في يوم الجمعة، ودعا الناس إلى التمسك بالمبادء الإسلامية في حياتهم الشخصية والاجتماعية وللتخلص من الخيانة الحكومية. واستطاع له اثناء خطبته لرفع مستوى المجتمع الإسلامي، ونصحهم أيضا كيف يواجهون القضايا الاجتماعية المعاصرة، وكانت كلماته مباشرة ضد العدو الغاشم. وشجع فيها النهضة الوطنية.
وكان السيد فضل واحدا من أعظم الاصلاحيين، وكانت آرائه حازمة على أساس ديني وأفكاره شديدة على مبادئ إسلامية في ولاية كيرلا على الاطلاق، ولما أنشأت القوة البريطانية بديار مليبار، كانوا يشجعون الإقطاعيين الهندوسيين الأغنياء لطرد ‘المابلا‘ الزارعين من أراضيهم، ويقال: قد أعلن السيد فضل للقتل على هؤلاء الهندوسيين مع الإنجليزيين. وأعلن السيد أيضا، بأن لا يحرث أحد في يوم الجمعة، وكانت هذه الخطب في الواقع تهديدا شديدا مباشرا للسلطة والمكانة القوية من الفئة الإقطاعيين ناير والمسؤوليين. وبالخلاصة، لم ينجح البريوطانيون في سوء خباياهم.
وكان للسيد فضل دور مهم في أعمال الشعب، وله علاقة وثيقة مع بعض الشهداء، وكانت تعالميه كلها تؤكد النضال ضد الاقطاع وطبقة الهندوس، وينقد العادات الاجتماعية على الخرافات.
يعتبر فضل بن علوي عند مسلمي الماليبار من الأولياء الصالحين يرشدهم ويدافع عن حقوقهم، وكان له نشاط سياسي كبير بين المسلمين ضد الاستعمار البريطاني وقد اعتبره البريطانيون من أهم المحرضين على الاضطرابات في الهند، وتعتقد السلطات البريطانية في الهند أنه أيضاً وراء مقتل المحقق البريطاني الذي كلف بمهمة التحقيق في تلك الاضطرابات، ولهذا السبب نفي من الهند ومنعت عليه العودة إليها تحت طائلة الاعتقال. وأثناء نفيه الإجباري من مسقط رأسه ماليبار، أقام في وطنه الأصلي حضرموت. لكن لم يطل به المقام هناك، حيث غادرها ليستقر في مكة المكرمة ومن ثم متنقلاً في أراضي الدولة العثمانية التي اكتسب في أرجائها شهرة لتقواه وصلاحه . ثم زار الآستانة في أيام السلطان العثماني عبد العزيز .
وخلال إقامة السيد فضل بن علوي في مكة المكرمة توثقت صلته بأمرائها وعلمائها، مثل الشريف عبد الله بن محمد بن عون أمير مكة المكرمة والعلامة الشيخ أحمد زيني دحلان مفتي الديار المقدسة. وقد تلقى عدد من طلبة العلم في الحجاز العلم على يديه. وفي سنة 1853 م وأثناء إقامته في مكة المكرمة، صدر أمر من السلطات العثمانية يمنع السيد فضل من مغادرة أراضيها، وذلك فيما يبدو نزولاً عند رغبة البريطانيين. إلا أن ذلك لم يثنه عن دوره الإصلاحي وتلمس مشاكل الأقاليم الإسلامية الأخرى من خلال وفود الحجيج. وقد زار عدد من أهل ظفار وأعيانها مكة المكرمة بقصد الحج والتقوا بالسيد فضل بـن علوي ـ وكان قد ذاع صـيته واشتهر بالتقوى والصلاح ـ في وقت كانت فيه ظفار تعاني من الاضطرابات القبلية والمشاكل الاجتماعية والتخلف في شتى نواحي الحياة .
مساهماته في الأدب العربي
وكان حياة السيد فضل مليئة بالعلم والدين، وكان اسرته أيضا من أسرة العلم والمعرفة، وكان والده عالما وزعيما روحيا في منطقة مليبار. وبجانب هذه المواقف الايجابية كان السيد فضل ايضا يتعمق في العلم والمعرفة، ونصح الأمة، وأرشد الملة، وهداها إلى الإيمان واليقين. ومع ذلك وله تأليفات كثيرة في اللغة العربية، وقيل، وكان له نحو خمس وعشرين مؤلفة، ولكن هنا وجدت الإشارات إلى أربع عشرة تأليفا عربيا في التاريخ. ومعظم موضوعات الكتب التي عالج السيد فيها الموضوعات الدينية والفسلفة والفقه الإسلامي وتفسير العقائد الإسلامية وما إلى ذلك. ومعظم أعماله نشرت من تركيا. وكان السيد هناك بعد ما غادر مليبار حتى لقي أنفاسه الأخيرة. ومن أهم تأليفاته :
1) أساس الإسلام
2) تاركة الحنيفة
3) كوكب الدرر
4) القول المختار
5) فيوضات الإلهية
6) عدة الأمراء لإهانة الكفرة وعبدة الصلبان
7) فيوضات الإلهية.
عدة الامراء لإهانة الكفرة وعبدة الصلبان
وهذا الكتاب من أهم أعمال السيد فضل، وكما فهمنا كانت حياته مليئة بالأعمال الدينية والنشاطات القومية والأفكار الوطنية، وكرس حياته على المستعمرين المستبدين الذين بذلوا كل الجهد لإهانة المستوطنين، ومعظم أهل الهنود كانوا يقاتلون قتالا شديدا ضد الاستعمار والغربيين. وقال السيد فضل في كتابه هذا: "وكان حكماء العجم أسد يقود الف ثعلب خير من ثعلب يقود الف أسد".
وكان السيد فضل يشغل في منصب دور الزعيم الروحي في منفرام وما جاورها من الأماكن، وكان قد ورثه من والده، ومع ذلك كان ملجأ لكل من يأتون إليه، والناس جميعهم يصلون إليه لكي يتحقق رجاؤهم وتنحل مشاكلهم حتى نالوا حاجاتهم الدينية والدنيوية. كما قلنا سابقا، وحينئذ والنيار في جورمن أعمال الاقطاعيين، ومع ذلك عقد المنطقة بدعم من الحكام البريطانيين، وكانوا يفعلون أنواعا من القسوة تجاه المستأجرين المحليين من المسلمين، مثل طرد المستأجرين، وجمع الإيجار المفرط بقوة بصرف النظر بمناسبة الاحتفالات ومراسم الزواج. وفي هذا الوقت أفتى السيد فتاواه لقتل المالك الاقطاعي الذي طرد المستأجرين دون مبرر، ليست خطيئة، وكتب السيد فضل هذا الكتاب "عدة الامراء لإهانة الكفرة وعبدة الصلبان " في عام 1849م ، ونشر من المملكة العربية ، وكان إعلانا واضحا لمحاربة ضد البرطانيين.
وقد عالج االسيد فيه عدة موضوعات، ومن أهمها: الأول: حاجة الدعوة وفضلها وآثارها في الحياة. والثاني: مزية العلم والمعرفة. والثالث: أهمية التدريس. والرابع: كلام عن العلماء المقصرين. والخامس: فضائل العلماء المخلصين. والسادس: فضل العلماء، ووراثتهم من الأنبياء. والسابع: بعوث النبي صلى الله عليه وسلم إلى جميع العالم. والثامن: حاجة الدعاة المحمدية والمجددين في العالم. والتاسع: خصوصية مجالسة العلماء. والعاشر: أقوال عن الجهال. والحادي عشر: ظهور الفساد والبدع. والثاني عشر: خاصية العلم وأوصاف العلم والعلماء. والثالث عشر: أوصاف العلماء والجهال. والرابع عشر: أحوال المسلمين. والخامس عشر: حاجة إلى الجهاد والنضال في الحياة.
وبقي السيد فضل في القسطنطينية، وعينه السلطان عبد الحميد مستشارا لحكومة تركيا، أعطاه عنوان ‘فضل باشا‘ وتوفي السيد فضل في القسطنطينية في عام 1900م، ودفن بالقرب من قبر السلطان محمود .