لا يخفى أن الترجمة أحد الفنون الراقية، لها قواعد وضوابط خاصة، ووسائل محددة مثل سائر الفنون الأخرى كما أن للقائمين بعملية الترجمة شروطا ومؤهلات ومهارات معينة، وأن الترجمة وسيلة نقل ثقافات وحضارات أمم العالم وعاداتها وتقاليدها من لغة إلى أخرى كما أنها وسيلة إقامة التعامل والتعاون التجاري والصناعي والعسكري والدبلوماسي بين دولتين أو أكثر، وكذلك أنها وسيلة لإثراء اللغة وتطويرها كما أنها وسيلة إيصال مفاهيم الخطب والندوات والمؤتمرات والمحاضرات والنصوص إلى أذهان المستمعين، وكذلك أنها من أهم أدوات الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، ونشر الإسلام فيما بين البشرية كلها. وما من شك في أن عملية الترجمة بمختلف أنواعها التحريرية والشفهية والآلية والعلمية والتقنية والأدبية والطبية والعسكرية والفقهية وما إلى ذلك، ليست سهلة بل من أصعب الفنون، وأنها تتطلب من المترجم مزيدا من التدرب والممارسة لمدى فترة طويلة لإجادتها. وهذا المقال يتحدث عن معنى الترجمة لغة واصطلاحا، وأهميتها، وضرورة تعليمها، وأقسامها، وأهمية علم الترجمة الفورية في العصر الحديث، والوسائل المستخدمة لها، وشروط المترجم ومؤهلاته ومهاراته، وواقع حركة الترجمة ومستقبلها في كشمير، وبعض المقترحات والتوصيات البناءة لتنشيطها فيها نحو الأفضل، ونماذج عن بعض أخطاء المترجمين الكشميريين، والصعوبات التي يواجهها المترجمون الكشميريون عند الترجمة، فلنبدأ بإذن الله وتوفيقه الخوض في هذا المقال.
الترجمة لغة واصطلاحا
معنى الترجمة لغة:
من المعلوم أن الترجمة تأتي لمعان آتية:
1. التبين والتوضيح ( (Making clear
2. التفسير (Interpretation, explanation)
3. حياة الإنسان وسيرته ) Biography,Memoir)
4. نقل من لغة إلى أخرى (Translation)
والمعنى الأخير للترجمة هو مجال بحثنا في هذا المقال. ومن هذه الكلمة اشتق ترجمان ومترجم والذي يقوم بعلمية الترجمة . وتقابل كلمة المترجم في اللغة الإنجليزية: Translator Interpreter) )
معناها اصطلاحا
ذكر خبراء الترجمة والمختصون فيها عدة تعريفات اصطلاحية لها. و هي على ما يأتي:
1. الترجمة في الاصطلاح: نقل الكلام من لغة إلى لغة أخرى. مثلا نقل نص مكتوب باللغة
العربية إلى اللغة الكشميرية أو الإنكليزية أو بالعكس.
2. قد عرفها د جمال عبد الناصر بأنها نقل كلمة من لغة إلى أخرى شريطة أن يكون المعنى المقصود والمستدل عليه – المحسوس منه والمجرد – مفهوما على الأقل أو موجودا، كان ينقل أحد الانكليزية إلى معقد العربية .
3. وكذلك عرفها عبد العليم السيد المنسي وعبد الله عبد الرازق بأنها تعني نقل الأفكاروالأقوال
من لغة إلى أخرى مع المحافظة على روح النص المنقول .
4. يقول الأستاذ أبو نعمان محمد عبد المنان خان في تعريف علم الترجمة المطلق: هو علم يبحث عن نقل لغة إلى لغة أخرى. وعادة يكون هذا النقل نقل مفاهيم النصوص المكتوبة أو الخطاب من لغة إلى لغة أخرى، وهذا النوع من الترجمة يتحقق في نقل الكتب أو الرسالة أو العريضة أو الحوار أو المحاضرة من لغة إلى لغة أخرى .
5. خلاصة ما جاء في تعريفاتها الاصطلاحية في الكتب والمجلات أنها تعني نقل الأفكار والمفاهيم من لغة إلى لغة أخرى مع مراعاة التسلسل المنطقي، وقواعد اللغة النحوية والصرفية والصوتية والدلالية والبلاغية والمصطلحات والتقابلات وما إلى ذلك، ومع الحفاظ على روح النص المنقول.
أهمية الترجمة
ولا يمكن إحصاء أهمية الترجمة لمختلف أنواعها في بعض السطور لأن الترجمة التحريرية عبر التاريخ أدت دورا بالغ الأهمية في نقل الحضارات والثقافات والمعارف والتعليم بين الشعوب، وأنها كانت تحدث كلما التقت حضارة بأخرى سواء أكان ذلك من طريق التجارة أم من طريق الحرب، ونتيجة لذلك قامت نقاط الالتقاء بين بني البشر، فقويت وحدتهم النفسية والفكرية التي تجمع بينهم، بيد أن نقاط الالتقاء هذه أخذت تتكاثر في العصور الحاضرة مع ما رافقها من أسباب الخلاف والتوتر ولكن زوال هذه الأسباب يقترن بالعمل على التقريب بين الشعوب والأمم. أما الترجمة الشفهية بأنواعها المختلفة من التتابعية والثنائية والفورية تلعب دورها الفعال بنقل مفاهيم خطب ومحاضرات وندوات وتصريحات من لغة إلى لغة أخرى فصاعدا نقلا شفهيا مباشرا . وإضافة إلى ذلك، أن الترجمة التحريرية في الوقت الراهن تلعب دورا هاما في التعامل والتعاون التجاري والصناعي والعسكري والدبلوماسي بين دولتين أو أكثر.
أقسام الترجمة
تنقسم الترجمة إلى الأقسام الآتية1
• الترجمة التحريرية.
• الترجمة الشفهية.
• الترجمة الآلية.
الترجمة التحريرية
يدور معناها حول نقل لغة إلى لغة مكتوبة.
وهي تنقسم إلى قسمين
أ. الترجمة الحرفية :
يراد بها نقل آلام من لغة مكتوبة إلى لغة مكتوبة أخرى حرفا بحرف بدون مراعاة الأفكار وروح النص المنقول، ومثل هذه الترجمة تكون جافة معقدة وغير مفهومة لايستسيغها من له ذوق سليم وفهم مستقيم. وعادة تصدر هذه الترجمة من الناشئين وحديثي العهد بالترجمة والتدرب عليها، وينبغي للمترجمين الاحتراز منها.
ب. ترجمة الأفكار :
نقل أفكار ومفاهيم النصوص المطبوعة من لغة إلى لغة أخرى مكتوبة مع مراعاة روح النصوص المنقولة. ومثل هذه الترجمة تكون سهلة الاستيعاب ومفهومة ويستسيغها أصحاب الذوق السليم والموهبة. وهذا هو المطلوب في الترجمة وعادة تصدر هذه الترجمة من المتخصصين والخبراء والماهرين.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الترجمة التحريرية تشمل ترجمة النصوص العلمية والأدبية والطبية والتجارية والصناعية والعسكرية والدبلوماسية والتقنية والسياسية والقانونية والاقتصادية والوثائقية وما إلى ذلك.
الترجمة الشفهية :
هي عبارة عن نقل آلام من لغة منطوقة إلى لغة أخرى منطوقة، وهي تنقسم إلى أقسام آتية :
أ. الترجمة التتابعية :
هي نقل خطب ومحاضرات وندوات وتصريحات من لغة أصل إلى لغة هدف نقلا شفهيا سريعا مباشرا حيث يستمعها بأذن واعية ببالغ الاهتمام ثم يترجمها عند توقف المتحدث.
ب. الترجمة الثنائية :
هي نقل حوار أو محادثات أحد المتحاورين إلى الآخر بأن يقوم أحد كوسيط بينهما بأن ينقل كلام أحدهما إلى الآخر بلغته الأصلية. ويشترط في المترجم أن يعرف جيدا لغتي المتحاورين. ومثل هذه الترجمة تحدث عادة أثناء مقابلة كبار الشخصيات البارزة بعضها مع بعض بأن يقوم أحد بعملية الترجمة بين رئيسي دولتين أو رئيسي وزراء بلدين أو ماشابههما.
ج. الترجمة الفورية:
هي عبارة عن نقل خطب ومحاضرات وندوات من لغة أصل إلى لغة هدف شفاهة وارتجالا حيث يستمع المترجم الفوري خطبة الخطيب ومحاضرة المحاضر أو المشارك في الندوة بأذن واعية واهتمام كامل، ويترجمها في الوقت نفسه، وهذا أصعب شيء في الترجمة الشفهية .
الوسائل المستخدمة للترجمة الفورية:
هناك وسائل عديدة للترجمة الفورية تستخدم أثناء الترجمة و فيما يلي بيان ذلك:
- آلة مكبرة الصوت ((Microphone
- السماع ( (Head phone
- الأجهزة المساعدة الأخرى ((Other supplementary Equipments
الفرق بين أقسام الترجمة الشفهية :
عند الحديث عن الترجمة الشفهية، فإنه يقصد عامة نوعان من الترجمة متلازمان في آثير من الأحيان وإن كانا مختلفين عمليا، هما : ما يعرف بالترجمة التتابعية والترجمة الفورية. فمجال كليهما: المؤتمرات والندوات العامة والمحاضرات والخطب والمناظرات التي تمس الحاجة إلى نقلها نقلا فوريا إلى لغات أخرى. وغاية كليهما نقل مفاهيم ومطالب المحاضرات والندوات وغيرهما من لغة أصل إلى لغة هدف نقلا شفهيا سريعا مباشرا لايدع للمترجم إلا فسحة وجيزة جدا لاستيعاب مضمون النص الأصلي واختيار العبارة المناسبة لنقله، وذلك لكي يستفيد المستمعون الحضور منها استفادة تامة. غير أن الترجمة التتابعية تتم عادة والمترجم جالس بجانب الخطيب أو المتحدث أو أمامه، ويدون ما يلزم من الملاحظات والمعلومات عما يقال ليعتمد عليها في ترجمة الخطاب أو الحديث، وذلك أثناء وقفات معينة، يسكت المتحدث خلالها ليدع له المجال لترجمة الفقرة السابقة من حديثه قبل الولوج إلى فقرة تالية، وهكذا حتى نهاية الخطاب والحديث .
أما الترجمة الفورية فهي أن ينقل المترجم بلغة معينة محاضرة أو خطابا جاء في لغة أخرى وذلك مباشرة أثناء إلقاء الخطاب، ويكون المترجم في هذه الحالة معزولا في مقصورة يستمع إلى المحاضرة أو الخطاب من خلال سماعة رأس (Headphones) وينقلها إلى لغة ثانية مباشرة إلي الحاضرين ،الذين يكونون بدورهم على اتصال به من خلال أجهزة استماع فردية توزع عليهم مسبقا من قبل القائمين على قاعة الندوات أو المحاضرات. ونجاح مثل هذه العملية يفترض بطبيعة الحال وجود قدر أدنى من التجهيزات الصوتية والآلية التي لا تكون متوافرة إلا في قاعات حديثة، تقام فيها المؤتمرات الكبرى والندوات المتخصصة التي يدعى إليها الخبراء والمتخصصون من شتى الأقطار والبلدان. وتزود هذه القاعات عادة بعدة مقصورات للترجمة تسمح بترجمة الندوات والمحاضرات فوريا إلى عدة لغات في آن واحد، وذلك عبر عدد من القنوات، كل منها خاص بلغة معينة يختارها المشاركون والحاضرون على أجهزة الاستماع لديهم، ويتحدد عدد اللغات المترجم منها وإليها بحسب أهمية المؤتمر أو الندوة، وبحسب أصول المشاركين. فكلما اتسع نطاق المؤتمر دوليا واختلفت جنسيات المشاركين فيه ولغاتهم، كان ذلك مدعاة إلى زيادة عدد اللغات المترجم منها وإليها، غير أن هذه اللغات لا يتجاوز عددها في أكثر الأحيان الخمس أو الست، هي اللغات المعتمدة رسميا في منظمات دولية مثل منظمة الأمم المتحدة وهيئاتها المتخصصة، وهي : اللغات الإنكليزية، والفرنسية، والصينية، والروسية، والعربية والأسبانية، بينما تنحصر اللغات الرسمية في منظمة المؤتمر الإسلامي في العربية والإنكليزية والفرنسية فحسب.
وهناك نوع آخر من الترجمة الشفهية وهو الترجمة الثنائية. فمجالها الحوار والمحادثات بين شخصين، وغايته نقل أفكار ومفاهيم حوار ومحادثات كل من المتحاورين إلى الآخر نقلا منطوقا حيث يجلس المترجم بين المتحاورين، ويقوم بعملية الترجمة الشفيهة بينهما. وهذا النوع من الترجمة أقرب إلى الترجمة التتابعية بيد أن الفرق بينهما يظهر في مجالاتهما. مجال الترجمة الثنائية الحوار والمحادثات بين الشخصين في حين مجالات الترجمة التتابعية المؤتمرات والندوات العامة والمحاضرات والخطب والمناظرات وغيرها.
من خلال هذا التقديم الأولي المبسط للترجمة الشفهية بأنواعها التتابعي والثنائي والفوري تبدولنا ملامح الفرق بين هذه الأنواع والمشكلات المطروحة على المترجم. فالترجمة التتابعية تبدو لأول وهلة عملية سهلة نسبيا، وإنجازها لايتطلب من المترجم جهدا كبيرا، ولا يكلفه عناء شديدا، وهذا صحيح إلى حدما نظرا للفرصة المتاحة أمام المترجم لكي يدون ما يحتاج إليه من حديث المتكلم أو الخطيب، وتلك الوقفات التي يقفها هذا ليدع له المجال لترجمة ما سبق من آلامه اعتمادا على تلك المعلومات التي دونها. ومع ذلك فالأمر ليس تماما بهذا اليسر؛ لأن الذي يقوم بالترجمة التتابعية بحاجة إلى مهارة أساسية يكتسبها في مراحل التعلم والتدرب، وهي مهارة التدوين(Note Taking) التي تمكنه من معرفة مايدون من كلام المتحدث، وكيف يدونه من غير أن يضيع من لب الحديث شيئا؛ أي أنه بحاجة إلى تبيين محاور الحديث ومفاصله ليعتمد عليها في نقل ما يقال نقلا أمينا لنوايا المتحدث من غير نقص أو تشويه.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الترجمة الشفهية بأنواعها المتعددة من الفورية والتتابعية والثنائية تختلف في بعض جوانبها عن الترجمة التحريرية .
الترجمة الآلية:
هي ترجمة النصوص اللغوية باستخدام الحاسوب، ولكن " استخدام " آلمة واسعة تعني أمورا
كثيرة، ويمكننا توضيح المقصود بأن هناك طريقتين رئيسيتين للترجمة الآلية :
أ. الترجمة الكاملة بالحاسوب) الكمبيوت(Machine Translation) (
ب. الترجمة بمعاونة الحاسوب Computer Aided Translation))
ففي الأولى يعطى النص المراد ترجمته للحاسوب – أي يدخل في ذاكرته بوسائل شتى – ليخرج لنا ترجمة ذلك النص. أما الأسلوب الثاني فهو استخدام الحاسوب للترجمة مع تدخل بشري بصورة أو بأخرى. على أي حال، لابد في الواقع، من شكل أو آخر من التدخل البشري في العملية قبل الترجمة أو بعدها أو أثناءها. ليصبح النص المترجم قابلا للنشر إلا في حالات نادرة.
عملية الترجمة الآلية :
يمكننا أن نوجز عمليات الترجمة الآلية باختصار فيما يلي:
-1 يتم إدخال النص في الحاسوب بطرق مختلفة، غالبا مع إجراء تحرير محدود، مثل وضع علامات على الكلمات التي لا تترجم كأسماء العلم.
-2 تبدأ مرحلة تحليل النص صرفيا ونحويا ومعجميا – دلاليا – وهو ما يشبه محاولة المترجم البشري فهم النص.
-3 بعد ذلك تتم عملية النقل المعجمي والنحوي من اللغة الأصل إلى اللغة المترجم إليها حيث توضع المقابلات المعجمية والنحوية مثل الكلمات المقابلة والمعلومات الصرفية والنحوية مثلا : (معلمة – مفرد – فاعل)) قرأت – ماض – لفاعل مفرد مؤنث ،( (كتب – جمع - مفعول به).
-4 يقوم الحاسوب بعد ذلك بعملية التأليف أو التوليد، أي إنتاج الجمل في اللغة المترجم إليها وفق قواعدها النحوية والصرفية بحيث ترتب الكلمات وفق قواعد النحو، وتصاغ وفق القواعد النحوية والصرفية فتصبح مجموعة الكلمات السابقة في أعلاه) : قرأت المعلمة، معملة آتبا).
-5 يخرج الحاسوب لنا النص المترجم، والذي يحتاج عادة إلى مراجعة بشرية وتنقيح قبل أن تكون الترجمة صالحة للنشر. أما إذا لم يكن النص صالحا للنشر فقد يكتفي بالترجمة( الخشنة) أو الخام (RAW)، وهو إجراء تطبقه بعض الهيئات مثل القوات الجوية الأمريكية ، حيث تقدم نتائج الترجمة الآلية للعلماء المتخصصين في موضوع النص للنظر في قيمته العلمية. ويتم تنقيحه وتحريره بشريا إذا كان جديرا بذلك.
واقع حركة الترجمة و مستقبلها في كشمير:
الحديث عن الترجمة شاق و مفيد و ممتع لأن الباحث فيها غائص في بحر واسع لا يكاد يدرك ساحله لا تساع مدى الترجمة، و تشعب طرقها، ووعورة مسالكها. و مفيد لأن الترجمة نبع ثقافة و بسطة علم، و كل جهد يبذل لتمهيد سبلها و هو جهد نافع، و كل سعي لقطف ثمارها و هو سعي نبيل. و ممتع إذ لا متعة إلا بعد مشقة، و إذا عثر الباحث فيها على لؤلؤة صغيرة نسي ما كابد من سهر و ضجر، و أحس بفرحة من حقق هدفا عزيز المنال . إذن فما هو واقع الترجمة في كشمير؟
قبل كل شىء أود أن أرسم حدودا للموضوع. فالمراد بالترجمة هنا: نقل المعارف و الآداب و العلوم المختلفة من اللغات الأجنبية إلى اللغة الكشميرية و بإمكاننا أن نسميها الترجمة الثقافية.
إن تقديم عرض واف و دقيق و شامل لواقع الترجمة الثقافية في كشمير ليس بالأمر اليسير بسبب عدم توافر المعلومات الإحصائية الكافية عن المترجمات والمترجمين عبر الدولة، و تفاوت حجم هذا النشاط الثقافي بين مدينة ومدينة أخرى. و حسب ما أعرفه أن المؤسسات و الجمعيات و الاكاديميات المشهورة التي تقوم بهذه العملية في كشمير هي : الأكاديمية الكشميرية، و المؤسسة الإسلامية، و الجمعية الإسلامية، و جمعية الكتب التعاونية المحدودة، والمكتبة الحديثة المعروفة ب" آدونيك بروكاشوني ، وغيرها.
ومن ضمنها، قامت المؤسسة الإسلامية الكشميرية بترجمة عدد كبير من الكتب الدينية المؤلفة في اللغات العربية و الأردية- بما فيها كتب التفاسير، و الأحاديث النبوية الشريفة، وكتب الفقه الإسلامي، وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، والتاريخ الإسلامي، والكتب الإسلامية بمختلف مضامينها ومساهماتها الجبارة إلى اللغة الكشميرية والتي تستحق الإشادة بها. بيد أنها اهتمت آثيرا بترجمة الكتب الإسلامية الملائمة للحركة الإسلامية. أما اكاديمية كشمير فتنصب معظم جهودها على ترجمة الكتب المرتبطة بمختلف فنون الأدب - بما فيها القصة القصيرة، و الرواية، والمسرحية، و الكتب التي تتعلق بالأدب وغيرها في حين تنصب أغلب المبادرات الشخصية على ترجمة الكتب التي لها سوق في كشمير، و يربح بها أصحابها اقتصاديا. علما أنه لا توجد لدينا إحصائية كاملة و شاملة بعدد الكتب وموضوعاتها التي قامت بترجمتها المؤسسات والجمعيات والاكاديميات الآنفة الذكر.
ممارسة الترجمة في المستقبل:
إن معرفة الواقع تعين على رسم صورة المستقبل. و إذا دققنا النظر في واقع حركة الترجمة في كشمير في الوقت الحاضر نلمح السمات التالية:
-1 إن ممارسة الترجمة الثقافية، و الجهود المبذولة الراهنة في هذ المجال ليست كافية حسب متطلبات العصر و الشعب.
-2 إنها حركة تغلب عليها العفوية، ولم ينظمها تخطيط محكم سليم، فالتطابق غير قائم تماما بين الحاجة و الفعل، و كثيرا ما نجد كتبا غير ذات نفع قد ترجمت، و أخرى نافعة لم تترجم.
-3 إنها حركة غير مكتملة فنيا لعدم التزامها معايير دقيقة من ناحية الأداء اللغوي. و هناك بعض الترجمات تفتقر إلى الدقة العلمية و اللغوية، أن من شأن المراجعة أن تحسن الترجمة، و من شأن النقد النزيه أن ينهض بهما.
-4 إنها حركة ضعيفة التوازن اهتمت ببعض الموضوعات دون بعض بدون مراعاة الضرورة الحقيقية.
بعض الملاحظات حول أخطاء المترجمين
لكي ندرك أسباب الأخطاء في الترجمة لا بد لنا أن نتذكر أن الترجمة مكونة من عمليتين تكمل إحداهما الأخرى: فهم النص الأصلي و التعبير عنه باللغة الهدف(المترجم إليه). و ينتج الخطاء في أي من هاتين العمليتين، فالمترجم الذي لايفهم النص لن ينجح في تقديم ترجمة جيدة له، لأن الترجمة هي في واقع الأمر تفسير للنص بلغة أخرى، و المترجم الذي لا يجيد التعبير باللغة المترجم إليها- معجميا و مصطلحيا وتركيبيا و أسلوبيا- لا شك أنه سيقع في أخطاء فادحة مضحكة أو مزعجة أحيانا. نورد فيما أدناه نماذج لبعض تلك الأخطاء التي يرتكبها المترجمون الكشميريون:
• أخطاء في القواعد الصرفية و النحوية عند الترجمة:
لا يراعى بعض المترجمين قواعد النحو و الصرف عند الترجمة فيقع في أخطاء مثلا ينطق جُنوب بالضم بدلا من جنوب بالفتح، و أن بالفتح بدلا من إن بالكسر و بالعكس، و يرفع المنصوب و ينصب المرفوع مثل كنت مشغول جدا بدلا من مشغولا، و هكذا...
• أخطاء في المصطلحات:
يقع بعض المترجمين في أخطاء عند ذكر المصطلحات، و أحيانا يصطنعون كلمات لهامن عندهم و نذكر بعض الأخطاء الواردة فيها مثل:
حاكم بنك ( (The governor of bank بدلا من محافظة البنك
منح السلطة للمرأة (Woman Empowerment) بدلا من تمكين المرأة
الحكومة العبورية (Caretaker Government) بدلا من حكومة انتقالية أو مؤقتة
أخطاء في الثقافة العامة:
قد يخطئ بعض المترجمين في ترجمة (Under Secretary) التي تعني " نائب الوزير" في المصطلح الأمريكي إلى السكرتير الأسفل بسبب قلة الاطلاع و الثقافة العامة، فالولايات المتحدة الأمركية قد تكون الدولة الوحيدة التي تستعمل سكرتير مقابل وزير.
الخاتمة
و هذا المقال المتواضع هو من عصارة تجربتي و ممارستي في حقل الترجمة لمدة سنوات. و قد ذكرت فيه ما يتعلق بالترجمة و أقسامها و وسائلها و شروط المترجم و واقع حركة الترجمة ومستقبلها في كشمير و بعض المقترحات لتنشيطها فيها نحو الأفضل، و نماذج عن بعض أخطاء المترجمين الكشميريين و صعوبات المترجمين عند الترجمة. و أنا سوف أكون سعيدا و مسرورا جدا لو استفاد منه الطلاب و المشتغلون بمهنة الترجمة و لو قليلا، و قدموا لي نقدا بناء. و في الوقت نفسه أدعو المختصين و الخبراء في مجال الترجمة أن يقبلوا على تقديم مزيد من المعلومات عن هذا الموضوع الحيوي الهام الذي له علاقة مباشرة بالحياة العملية. و الله ولي التوفيق.
المراجع
أبو نعمان محمد عبد المنان خان، "مذكرة علم الترجمة العربية الفورية"، 1992 م
عبد الكريم ناصف، الترجمة : أهميتها و دورها في تطوير الأجناس الأدبية، الوحدة: العدد- 61 . نوفمبر 1989 م،
ظل الرحمن صديقي، الترجمة، ط 1988،
شحادة الخوري، "واقع حرآة الترجمة و مستقبلها في الوطن العربي"، الفيصل، العدد 239
شهيد الله فضل الباري، "العربية المتأثرة بالأردية"، الحلقة الثانية، مجلة البعث الإسلامي، لكهنو، الهند: العدد- 10، المجلد- 42 ، نوفمبر و ديسمبر 1997 م